تعريف الحوالة
الحوالة في اللغة : هي النقل أو الانتقال ، قال في المصباح المنير : ( تحول من مكانه أي انتقل عنه ، وحولته تحويلاً أي نقلته من موضع إلى موضع … )
في الاصلاح : عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى أخرى ، قال في ” مغني المحتاج ” ( ويطلق على انتقاله من ذمة إلى أخرى ، والأول هو غالب الاستعمال )
مشروعيتها
دلّ على مشروعيتها وجوازها : ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ” رضي الله عنه ” أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ” مطل الغني ظلم ، فإذا أتبع أحدكم على مليءٍ فليتبع ” . وفي رواية عن أحمد : ومن أحيل على مليءٍ فليحتل . البخاري في كتاب الحوالة ، باب / في الحوالة وهل يرجع في الحوالة ، رقم 2166 . مسلم في المساقاة ، باب : فضل إنظار المعسر رقم : 1564 . وأحمد في سنده 26 / 463 )
أركان وشروطها
- المُحيل : هو المدين الذي يحيل دائنه بدينه على غيره . ويشترط فيه أن يكون اهلاً للعقد ، أي أن يكون عاقلاً بالغاً ، فلا تصح الحوالة من المجنون والصبي غير المميز .
- المُحال : وهو الدائن الذي يحال بدينه ليستوفيه من غير مدينه ، أي الدائن للمحيل الذي أحاله ليستوفي دينه من غيره ، ويقال له أيضاً : المحتال ، أي طلب الإحالة . ويشترط فيه أن يكون أهلاً للعقد ، أي أن يكون عاقلاً ، وأن يكون بالغاً أيضاً .
- المحال عليه / وهو الذي يلتزم بأداء الدين للمحال . ويشترط فيه العقل والبلوغ ، فلا تصح الحوالة على المجنون ولا على الصبي ولو كان عاقلاً مميزاً .
- المحال به : وهو الحق الذي يكون للمحال على المحيل ، ويحيله به على المحال عليه . ويشترط فيه
أ) أن يكون ديناً : فلا تصح الحوالة بالأعيان القائمة ، لأن الحوالة نقل حكمي ، لأنها نقل لما في الذمة إلى ذمة أخرى ، والنقل في الأعيان القائمة نقل حقيقي لا حكمي ، لأنها لا تثبت في الذمة ، فلا حوالة فيها .
ب) أن يكون الدين لازماً : كالثمن بعد تسليم المبيع وانتهاء مدة الخيار ، أو آيلاً إلى اللزوم : كالثمن في زمن الخيار ، لأنه يؤول إلى اللزوم بانتهاء مدة الخيار . وهذا هو الأصح ، فلو أحال البائع أحداً على المشتري ليقبض منه الثمن ، صحت . وقيل : لا تقع الحوالة بالثمن زمن الخيار ، لأنه دين غير لازم .
الصيغة :
- وهي الإيجاب والقبول فالإيجاب أن يقول المحيل : أحلتك على فلان ، والقبول أن يقول المحال : قبلت أو رضيت ويشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا في مجلس العقد .
خيار الشرط وخيار المجلس
ويشترط في عقدها أن يكون باتاً ، فلا يثبت فيه خيار المجلس ولا خيار الشرط :
أما خيار الشرط : فلأن الأصل فيه أن يثبت في العقود لحماية المتعاقدين من الغبن ، وعقد الحوالة لم يبين على المغابنة ، وإنما هو عقد للإرفاق والمعاونة .
وأما خيار المجلس : فلأنه يثبت فيه بيع الأعيان ، والحوالة بيع دين بدين على الأصح .
شروط صحة الحوالة
1) وجود دين للمحيل على المحال عليه :
فلا تصح الحوالة إلى على من كان عليه دين للمحيل ، لأن الأصح أنها بيع دين بدين أجيز للحاجة ويشترط فيه الدين المحال عليه :-
أ) أن يكون ديناً لازماً أو آيلاً إلى اللزوم ، كما هو الحال في الحق المحال به .
ب) أن يكون متساوياً مع الدين المحال به : حلولاً أجلاً ، وجنساً وقدراً وصفة .
2) رضا أطراف الحوالة : المحيل والمحال والمحال عليه .
أما المحيل : فلأن له إيفاء الحق الذي في ذمته من حيث شاء ، فله أن يوفي دائنه بنفسه ، وله أن يوفيه بواسطة مدينه الذي هو المحال عليه .
وأما المحال : فقد اشترط رضاه حتى تصح ، لأنه هو صاحب الحق الذي سينتقل بالحوالة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه
وأما المحال عليه : فلا يشترط رضاه لأن الحق عليه لا له ، والمحيل صاحب الحق له أن يستوفيه بنفسه وأن يستوفيه بغيره .
3) يشترط لصحتها أن يعلم المحيل والمحال بالدين والمحال به والدين المحال عليه ، قدراً وجنساً وصفة ، لأن الحوالة بيع والجهالة في الثمن أو المبيع تمنع صحة البيع
حكمها في الشرع
هو انتقال الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، فإذا صحت الحوالة باستكمال أركانها وتوفر ترتب عليها حكمها ، وهو : براءة المحيل من دين المحال ، وانتقال الحق من ذمته إلى ذمة المحال عليه . وبالتالي : يسقط دينه عن المحال عليه / مقابل نظيره الذي صار في ذمته وأصبح محالاً عليه ، ليوفيه إلى المحتال .
الحوالة البريدية
إذا أعطى إنسان آخر مبلغاً من المال ليدفعه إلى فلان من الناس في بلد كذا
– فإن أعطاه إياه أمانة جاز بلا كراهة ، ولا يضمنه الناقل إذا لم يقصر في حفظه ولم يخلط مع حاله ، فإن خلطه بماله كان ضامناً له .
ومن هذا القبيل يسمى الآن الحوالة البريدية ، فإن المبالغ التي يدفعها الناس لمؤسسة البريد ، لتوصيلها إلى أشخاص معينين ، يخلط بعضها ببعض وبغيرها ، ولا تدفع هي بذاتها للمحمولة إليه . ولذلك فهي مضمونة على المؤسسة .
– وإذا أعطاه إياها قرضاً ، دون أن يشرط عليه دفعها إلى فلان في بلد كذا ، ثم طلب منه ذلك بعض القرض ، جاز أيضاً ولا كراهة .
فإذا أعطاه إياها قرضاً بشرط أن يدفعها إلى فلان في بلد كذا / كان كشرط الأجل في القرض .
– إن لم يكن للمقرض فيه غرض صح القرض ولغا الشرط ، وإن كان يندب الوفا به .
– وإن كان للمقرض غرض فيه ، كما إذا كان في الطريق خطر محقق ، بطل العقد لما فيه من جر المنفعة للمقرض .
أحدث التعليقات