تعريفه
الربا القرض هو أن يستدين إنسان من آخر مقدارا من المال إلى أجل , على أن يرده مع زيادة معينة .
حكم الدين فيه
آيات القرآن التي تبين حكمه
وهذا النوع من التعامل هو الذي جاءت نصوص الشريعة لابطاله و منعه .فالربا الذي كان أهل الجاهلية يتعاملون فيما بينهم لا يختلف عن هذا التعامل , و رغب الكثيرون من الناس في هذه الايام الى تلبيس الامر فقالو : أنه وسيلة من وسائل الربح , لا فرق بينه وبين البيع في ذلك , فجاء القرآن يؤنبهم على هذا التلبيس فقال تعالى : “ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره الى الله ومن عاد فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون “( البقرة : 275 )
وهكذا قررت الآية بصراحة ووضوح حرمتة مطلقا ولم تفرق بين قليل منه او كثير , وحرضت على الانتهاء عنه وتوعدت لمن يعود إليه .فالفرق بين الربا والبيع , هو الفرق بين الحلال والحرام .ثم توجهت الآيات الى أولئك الذين صدقوا إيمانهم , وكان لهم في التقوى أثر في نفوسهم , فأمرتهم بترك الربا على الإطلاق دون مواربة , وجعلت ذلك شرطا لصحة الإيمان ودليلا عليه وتوعدت من يصر على التعامل به بما لم تتوعد به على فعل منكر من المنكرات .
فقال تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ” (البقرة :278 – 280 ) .
وهذه الآيات الكريمة تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على التعاطي به بعد الانذار .
قال ابن جريح : قال ابن عباس : فأذنوا بحرب , أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله .
وهذه الآية الكريمة ناطقة بذلك التحريم قليله وكثيره نطقا قاطعا حاسما يفهمه كل من له سمع يدرك وعقل يعي , فقد نادى القرآن بالامتثال ومهد بالتقوى ثم قال : “ذروا ما بقي من الربا ” وكلمة (ما) هذه عند من يفهم اللغة العربية تشمل كل ربا ً مهما كان قليلا ولو كان درهما لمليون درهم .
وكذلك يعلم أهل لغة القرآن أن قوله تعالى : ” فلكم رؤوس أموالكم “ لم يبح شيئا زائدا عن رأس مال الدائن مهما كان قليلا , لأنه لم يجعل له شيئا سوى رأس ماله .
وقد زاد النص القرآني هذا المعنى تقريرا وتأكيدا فقال : (لا تَظلمون ولا تُظلمون ) , قال المفسرون : لا تَظلمون بأخذ زيادة على رأس المال , ولا تُظلمون بنقص شيء من رؤوس أموالكم , بل لكم ما دفعتم من غير زيادة عليه ولا نقص فيه .
رأي السنة وبعض الأحاديث الواردة في الربا
والى جانب هذه النصوص القرآنية وما صرحت به وما دلت عليه , فقد تضافرت نصوص السنة على تأكيد ما جاء في القرآن من حرمة الربا , وانه من أفظع الذنوب وأكبر الآثام التي تؤدي بفاعلها إلى الهلاك والدمار , وتنذر المجتمع الذي تتفشى فيه بالاضمحلال والضياع ومن هذه الأحاديث : ما رواه جابر –رضي الله عنه – قال : ” لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه , و قال : هم سواء ” ( أخرجه مسلم في المساقاة , باب : لعن الله آكل الربا وموكله ) .
وما رواه ابن عباس – رضي الله عنه – , عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ” اذا ظهر الزنا والربا في قرية احلوا بانفسهم عذاب الله عزوجل ” وفي رواية أخرى : ” إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله بهلاكها ” ( أخرج الرواية الأولى الحاكم في مستدركه البيوع , باب : إذا ظهر الزنا والربا في قرية : (2/37 ) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه – وأخرجه أيضا أحمد في مسنده , والطبراني , وأخرجه الرواية الثانية الطبراني أيضا ) .
فهذه النصوص كافية عما سواها في بيان فظاعته وشدة نكارته.
وأدل على أنه من أفحش ما يأتيه الإنسان أنه قرن بالزنا , الذي لا يساويه شيء في الاعتداء على الحرمات , وفساد الأفراد والمجتمعات وجعل منه سببا لاستحقاق عذاب الاستئصال .
ومن اجل ذلك كله اجمع المسلمون على حرمة الربا , وانه من أكبر الكبائر التي يفسق فاعله , ولا يقبل الله تعالى منه عملا صالحا حتى يتوب توبة نصوحة من التعاطي بالربا.
رأي الدين في التعامل بالربا مع غير المسلمين
و كان احد البدلين مالا غير معصوم . كأن يكون ملكا لحربي وهو غير المسلم بين المسلمين وبين اهل بلاده غير المسلمين حرب فان الربا لا يجري فيه اذا كان المسلم هو الاخذ للزيادة .
فلو دخل تاجر مسلم دار الحرب بعقد أمان منهم , وتعامل مع اهلها وكسب منهم مالا عن طريق الربا , فانه يجوز له ذلك , عن ابي ضيفة ومحمد رحمهما الله تعالى , أما الذمي وهو المواطن غير المسلم في بلاد الاسلامية فان ماله معصوم باتفاق , وكذلك المستأمن وهو الحربي الذي يدخل بلاد المسلمين بعقد أمان بإذن من حاكم المسلمين فلا يجوز التعامل به معهما , ولا عبرة باختلاف الدين لان اختلاف الدين ليس شرطا من شروط جريان الربا بالاتفاق.
وحجة الجمهور : إن حرمة الربا ثابتة في حق المسلمين وغير المسلمين , لأن غير المسلمين مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح .
وكذلك النصوص الواردة في التعامل الربوي عامة , ولا مخصص لها , فتبقى على عمومها .
والذي ينبغي التنبيه إليه هو : ان هذا القول لامجال للعمل به في هذه الايام , لأن المسلم لا يتمكن من العمل والمتاجرة في دار حرب او مع الحربي , حسب القوانين والأعراف القائمة , لذلك نرى من الأولى أن لا يتعرض الفقهاء والمفتين لهذا القول والبحث فيه .
وإنما خالفنا الأولى ذكرناه من كثرة ما نسمع من استغلال له من قبل أولئك الناس الذين يتمسكون بخيوط العنكبوت ليتوصلوا إلى تحليل الحرام , وذلك ان كثير من هؤلاء يتعاملون بالربا مع المصارف الاجنبية , فيأكلون الربا , مدعين أنهم استفتوا فأفتوا بجواز ذلك , فذكرنا هذا القول لننبه الى الحق فيه , وهو أن هذا القول خاص بالحربي , والحربي هو الذي بيننا وبين أهل بلده حرب قائمة بالمعنى الشرعي والعرفي لهذا , ولا ينطبق ذلك الآن إلا على ما بين الفلسطينين واليهود .
ان التعامل بالربا مع أي مصرف من المصارف الاجنبية او الافراد منهم حرام ممنوع , كما لو كان في بلاد المسلمين .
أحدث التعليقات